فن

“تحت الأرض”.. دراما سورية ترتقي بالموسم الرمضاني إلى مستوى العالمية

“تحت الأرض”.. دراما سورية ترتقي بالموسم الرمضاني إلى مستوى العالمية

 

منذ اللحظة الأولى لعرضه، يثبت مسلسل “تحت الأرض” أنه ليس مجرد عمل درامي تقليدي، بل تجربة سينمائية متكاملة ترفع سقف الإنتاج الدرامي العربي، وتضع الدراما السورية في مصاف الإنتاجات العالمية. هذا العمل، الذي أنتجته شركة كلاكيت بقيادة إياد نجار، وتمت صياغة نصه الدرامي ببراعة من قبل شادي دويغر وسلطان العودة، وأخرجه مضر إبراهيم، جاء ليؤكد أن الدراما العربية قادرة على منافسة الإنتاجات الكبرى، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على الصعيدين العربي والدولي.

 

رؤية سينمائية تتحدى المعايير التقليدية

 

ما يميز “تحت الأرض” عن غيره من الأعمال الرمضانية هو الرؤية السينمائية التي اعتمدها فريق العمل، حيث يظهر واضحًا منذ المشهد الأول أن الجمهور أمام إنتاج بصري ضخم يضاهي أضخم الأعمال الهوليوودية. التفاصيل المدروسة، من الديكورات التي تعكس روح دمشق عام 1900، إلى الإضاءة والملابس وتصميم المشاهد، كلها عناصر اجتمعت لتقديم تجربة مشاهدة غامرة تجذب المشاهد إلى عالم المسلسل، ليشعر وكأنه يعيش في أزقة دمشق القديمة ويتنفس هواءها.

 

حبكة درامية متقنة تتحدى التوقعات

 

لا يعتمد المسلسل على الصورة والإنتاج الضخم فحسب، بل يقدم سيناريو محكمًا مليئًا بالمفاجآت، حيث تدور أحداثه حول صراعات التجار في دمشق، في حبكة معقدة تجمع بين الخداع، والتحالفات المتغيرة، والمؤامرات التي تجعل كل حلقة مليئة بالتشويق والإثارة. لا توجد شخصيات مسطحة أو نمطية، بل عمق نفسي واجتماعي يجعل المشاهد يتفاعل مع كل تفصيل، ويظل مشدودًا حتى اللحظة الأخيرة.

 

أداء تمثيلي استثنائي يضيف للدراما قيمة حقيقية

 

عندما يجتمع نجوم بحجم مكسيم خليل، وسامر المصري، وروزينا لاذقاني، وفايز قزق، وأحمد الأحمد، وكارمن لبس وغيرهم، فإن التوقعات تكون مرتفعة، لكن “تحت الأرض” تجاوز كل التوقعات، حيث لم يقتصر الأمر على أداء قوي، بل خلق كل ممثل شخصية مستقلة نابضة بالحياة، تجعل المشاهد يصدقها ويتفاعل معها. من مكسيم خليل الذي يسرق الأضواء بحضوره الطاغي، إلى سامر المصري الذي يجسد شخصية مليئة بالتناقضات، وصولًا إلى أحمد الأحمد الذي يثبت مجددًا أنه أحد أعمدة الدراما العربية.

 

ظاهرة فنية تتصدر الموسم الرمضاني

 

في وقت كان الجمهور يترقب أعمالًا أخرى، جاء “تحت الأرض” ليقلب الموازين، ويتصدر المشهد الدرامي، ليس فقط بفضل الإنتاج الضخم، بل أيضًا بسبب التفاعل الجماهيري الكبير، حيث اجتاحت مشاهده مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدّرت شخصياته النقاشات الفنية، مما جعله واحدًا من أكثر الأعمال مشاهدة وتأثيرًا في الموسم.

 

عمل لا يُشاهد.. بل يُعاش

 

“تحت الأرض” ليس مجرد مسلسل رمضاني يُستهلك مع انتهاء الموسم، بل هو تجربة فنية تعيد تعريف مفهوم الدراما العربية، وتثبت أن الإبداع الحقيقي لا يحتاج إلى ميزانيات خيالية، بقدر ما يحتاج إلى رؤية واضحة، وجرأة في الطرح، واحترام لذكاء المشاهد.

 

إذا كنت تبحث عن دراما عادية، فقد لا يكون “تحت الأرض” الخيار المناسب لك. لكنه بلا شك العمل الذي سيظل محفورًا في ذاكرة الدراما السورية والعربية، وربما يكون نقطة تحول حقيقية تعيد رسم خارطة الإنتاج الدرامي في المنطقة.